... وبهذه الصفة الأخيرة نختم ناقلين قول الراشد حفظه الله (¬1) : قال بعض السلف : ما ادعى أحد قط إلا لخلوه عن الحقائق ، ولو تحقق في شيء نطقت عنه الحقيقة وأغنته الدعوى .
... فكما أن الفرد إذا امتلأ سكت ونطق عنه حاله ، ولم تكن به حاجة إلى دعاية نفسه ، فكذلك جماعة المؤمنين ، إذا اتصفت بما تدعو إليه ، وانبثت وأحكمت صفوفها ووفرت أسباب القوة ، أغنتها هذه الحقائق عن الدعوى والمقال ، وكان فعلها مغنيا لها عن الوصف أو التهديد ، ولست ترى جماعة كثيرة الكلام إلا كان كلامها دليلا على ضعف رصيدها العملي .
... إنها حقائق معبرة تتمثل في كل جزء من مفردات الأخلاق تحوزه ، وفي كل لبنة من البناء التنظيمي ، وفي كل فن من فنون التخصص والخبرة العملية ، وتعبيرها يكفي ويغني ، وإنما يطيل اللسان ويذكر الأمنيات من لا يملك الشيء وأما من يملك فإن ملكه يفصح عنه والناس تشعر بالقوة الحقيقية تلقائيا ، ويأسرها النظر وتتبع الأثر . أهـ .
الطريقة السابعة والعشرون :
( العمل الجماعي )
... إن من سمات أية حركة اجتماعية وليدة أن تكون ضعيفة تتلمس أسباب القوة وتنفر من عوامل الضعف ، وهكذا كانت دعوات الأنبياء ، مصداقه قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( بدأ الدين غريبا وسيعود غريبا كما بدأ ، فطوبى للغرباء ) .
¬__________
(¬1) المسار ص11 .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق