فأخبرت تلك الأم بجلية الأمر ، وأن الجاني في الحقيقة ليس الابن ، بل الأسرة ، بل الأم في المقام الأول ، وأن الأولاد هم ضحية جهل الأسرة بأحكام الشرع ، وضحية بلادة الأم في رعاية أبنائها وفق شرع الله تبارك وتعالى .
وأنا أتصور حجم الخسائر التي تقع في مجتمعنا الإسلامي كل يوم بسبب هذا الإهمال ، كما أتصور ما يمكن أن نجنيه من نجاح تربوي هائل ، وفتح دعوي كاسح إذا كان للمرأة مساحة مناسبة من الخطاب الدعوي ، بل الأم بالدرجة الأهم ، ونحن نظن أن دعوة النساء مقصورة على أمرهن بالحجاب وطاعة الزوج ، ولعمري ليس هذا كل الدين في حق المرأة ، فإنها تحمل من أمانة التربية في بيتها ما لا يحمله الرجل ، لا جرم جعل الرسول صلى الله عليه وسلم مسئولية البيت للمرأة ، أي القيام بأمر الأبناء ورعاية شئونهم وتلقينهم مبادئ الدين والأخلاق .
وفي ذلك يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( كلكم راع ومسؤول عن رعيته الإمام راع ومسؤول عن رعيته ، والرجل راع في أهله ومسؤول عن رعيته ، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها ، والخادم راع في مال سيده ومسؤول عن رعيته ، وكلكم راع ومسؤول عن رعيته ) . رواه البخاري ومسلم .
وتأمل كيف جعل مسئولية الرجل رعاية أهله ، إذ القوامة في يده ، كما قال تعالى : { الرجال قوامون على النساء } . وجعل مسئولية المرأة رعاية البيت ، وبيت المرأة يشمل نشأها الذين أنجبتهم وأمرت بالقيام بأمرهم وتأديبهم ورعايتهم .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق